فصل: قال الماوردي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء}.
فيه قولان: أحدهما: معنى جند من السماء أي رسالة، قاله مجاهد، لأن الله تعالى قطع عنهم الرسل حين قتلوا رسله.
الثاني: أن الجند الملائكة الذين ينزلون الوحي على الأنبياء، قاله الحسن.
{وما كنا منزلين} أي فاعلين.
{إن كانت إلا صيحة واحدةً} فيها قولان:
أحدهما: أنَّ الصيحة هي العذاب.
الثاني: أنها صيحة من جبريل عليه السلام ليس لها مثنوية، قاله السدي.
{فإذا هم خامدون} أي ميتون تشبيهًا بالرماد الخامد.
قوله عز وجل: {يا حسرةً على العباد ما يأتيهم} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: يا حسرة العباد على أنفسها، قال قتادة، وحكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم في بعض القراءات متلوٍّا.
الثاني: أنها حسرتهم على الرسل الثلاثة، قاله أبو العالية.
الثالث: أنها حسرة الملائكة على العباد في تكذيبهم الرسل، قاله الضحاك.
وفيه وجه رابع: عن ابن عباس أنهم حلوا محل من يتحسر عليهم.
{ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءُون} الاستهزاء منهم قبل العذاب.
وفي الحسرة منهم قولان:
أحدهما: بعد معاينة العذاب.
الثاني: في القيامة، قاله ابن عباس.
قوله عز وجل: {وإن كلُّ لما جميعٌ} يعني الماضين والباقين.
{لدينا محضرون} فيه وجهان:
أحدهما: معذبون، قاله السدي.
الثاني: مبعثون، قاله يحيى بن سلام.
قوله عز وجل: {وفجرنا فيها مِن العيون ليأكلوا من ثمَرِه وما عَمِلتْهُ أيديهم} فيه وجهان:
أحدهما: أنها إثبات وتقديره: ومما عملته أيديهم، قاله الكلبي والفراء وابن قتيبة.
والوجه الثاني: أنها جحد وفيها على هذا القول وجهان:
أحدهما: وما لم تعمله أيديهم من الأنهار التي أجراها الله سبحانه لهم. قال الضحاك يعني الفرات ودجلة ونهر بلخ ونيل مصر.
الثاني: وما لم تعمله أيديهم من الزرع الذي أنبته الله تعالى لهم.
قوله عز وجل: {سبحان الذي خَلَق الأزواج كلها} فيه وجهان:
أحدهما: يعني الأصناف كلها، قاله السدي.
الثاني: يعني من النخل والشجر والزرع كل صنف منه زوج.
{ومن أنفسهم} وفي ذلك دليل على مشاكلة الحيوان لهم في أنها زوج ذكر وأنثى.
{ومما لا يَعْلمون} فيه وجهان:
أحدهما: يعني الروح التي يعلمها الله ولا يعلمها غيره.
الثاني: ما يرى نادرًا من حيوان ونبات.
ويحتمل ثالثًا: مما لا تعلمون من تقلب الولد في بطن أمه.
قوله عز وجل: {وآيةٌ لهم الليل نسلخ منه النهار} أي نخرج منه النهار يعني ضوءه، مأخوذ من سلخ الشاة إذا خرجت من جلدها.
{فإذا هم مظلمون} أي في ظلمة لأن ضوء النهار يتداخل في الهواء فيضىء، فإذا خرج منه أظلم.
{والشمس تجري لمستقر لها} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: يعني لانتهاء أمرها عند انقضاء الدنيا، حكاه ابن عيسى.
الثاني: لوقت واحد لا تعدوه، قاله قتادة.
الثالث: أي أبعد منازلها في الغروب، ثم ترجع إلى أدنى منازلها، قاله الكلبي. وروى عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقرأها: والشمس تجري لا مستقر لها. وتأويل هذه القراءة أنها تجري في الليل والنهار ولا وقوف لها ولا قرار.
وقوله عز وجل: {والقمر قدرناه منازل} فيه وجهان:
أحدهما: جعله في كل ليلة على مقر له، يزيد في كل ليلة من أول الشهر حتى يستكمل ثم ينقص بعد استكماله حتى يعود كما بدأ، وهو محتمل.
الثاني: أنه يطلع كل ليلة في منزل حتى يستكمل جميع المنازل في كل شهر، ولذلك جعل بعض الحساب السنة الشمسية ثلاثة عشر شهرًا قمريًا.
{حتى عَادَ كالعرجون القديم} فيه قولان:
أحدهما: أنه العذق اليابس إذا استقوس، وهو معنى قول ابن عباس، ومنه قول أعشى قيس:
شرق المسك والعبير بها ** فهي صفراء كعرجون القمر

الثاني: أنه النخل إذا انحنى مائلًا، قاله الحسن.
{لا الشمس ينبغي لها أن تُدْرِك القَمر} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أي لا يشبه ضوء أحدهما ضوء الآخر، قاله مجاهد.
الثاني: لا يجتمع ضوء أحدهما مع ضوء الآخر، لأن ضوء القمر ليلًا وضوء الشمس نهارًا، فإذا جاء سلطان أحدهما ذهب سلطان الآخر، قاله قتادة.
الثالث: معناه أنهما إذا اجتمعا في السماء كان أحدهما بين يدي الآخر في منازل لا يشتركان فيها، قاله ابن عباس.
الرابع: أنهما لا يجتمعان في السماء ليلة الهلال خاصة، قاله الحسن.
الخامس: أنه لا تدرك الشمس القمر ليلة البدر خاصة لأنه يبادر بالمغيب قبل طلوعها، حكاه يحيى بن سلام.
{ولا الليلُ سابق النهار} فيه وجهان:
أحدهما: يعني أنه لا يتقدم الليل قبل استكمال النهار وهو معنى قول يحيى بن سلام.
الثاني: أنه لا يأتي ليل بعد ليل متصل حتى يكون بينهما نهار منفصل، وهو معنى قول عكرمة.
ومن الناس من يجعل هذا دليلًا على أن أول الشهر النهار دون الليل، لأنه إذا لم يسبق الليل النهار واستحال اجتماعهما وجب أن يكون النهار سابقًا. وهذا قول يدفعه الشرع ويمنع منه الإجماع.
{وكلٌّ في فلك يسْبَحون} قال الحسن: الشمس والقمر والنجوم في فلك بين السماء والأرض غير ملتصقة بالسماء، ولو كانت ملتصقة ما جرت.
وفي قوله تعالى: {يسبحون} ثلاثة أقاويل:
أحدها: يجرون، قاله ابن عباس.
الثاني: يدورون كما يدور المغزل في الفلكة، قاله عكرمة ومجاهد.
الثالث: يعملون، قاله الضحاك.
قوله عز وجل: {وآية لهم} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: عبرة لهم لأن في الآيات اعتبارًا.
الثاني: نعمة عليهم لأن في الآيات إنعامًا.
الثالث: إنذار لهم لأن في الآيات إنذارًا.
{أنَّا حَملْنا ذُرّيتَهم في الفلك المشحون} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن الذرية الآباء حملهم الله تعالى في سفينة نوح عليه السلام، قاله أبان بن عثمان، وسمى الآباء ذرية لأن منهم ذرء الأبناء.
الثاني: أن الذرية الأبناء والنساء لأنهم ذرء الآباء حملوا في السفن، والفلك هي السفن الكبار، قاله السدي.
الثالث: أن الذرية النطف حملها الله تعالى في بطون النساء تشبيهًا بالفلك المشحون، قاله عليّ رضي الله عنه.
وفي {المشحون} قولان:
أحدهما: الموقر، قاله ابن عباس.
الثاني: المملوء، حكاه ابن عباس أيضًا.
{وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} فيه أربعة تأويلات: أحدها: أنه خلق مثل سفينة نوح مما يركبونها من السفن، قاله ابن عباس.
الثاني: أنها السفن الصغار خلقها لهم مثل السفن الكبار، قاله أبو مالك.
الثالث: أنها سفن الأنهار خلقها لهم مثل سفن البحار، قاله السدي.
الرابع: أنها الإبل خلقها لهم للركوب في البر مثل السفن المركوبة في البحر، قاله الحسن وعبد الله بن شداد. والعرب تشبه الإبل بالسفن، قال طرفة:
كأنَّ حدوج المالكية غدوةً ** خلايا سَفينٍ بالنواصِف من رَدِ

ويجيء على مقتضى تأويل عليّ رضي الله عنه في أن الذرية في الفلك المشحون هي النطف في بطون النساء.
قولٌ خامس في قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} أن يكون تأويله النساء خلقن لركوب الأزواج، لكن لم أره محكيًا.
قوله عز وجل: {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} فيه وجهان:
أحدهما: فلا مغيث لهم، رواه سعيد عن قتادة.
الثاني: فلا منعة لهم، رواه شيبان عن قتادة.
{ولا هم ينقذون} فيه وجهان:
أحدهما: من الغرق.
الثاني: من العذاب.
{إلا رحمة منا} فيه وجهان:
أحدهما: إلا رحمتنا، قاله يحيى بن سلام.
الثاني: إلا نعمة منا، قاله مقاتل.
{ومتاعًا إلى حين} فيه وجهان:
أحدهما: إلى الموت، قاله قتادة.
الثاني: إلى القيامة، قاله يحيى.
قوله عز وجل: {وإذا قيل لهم اتَّقوا ما بين أيديكم وما خلْفكم} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: ما بين أيديكم ما مضى من الذنوب، وما خلفكم ما يأتي من الذنوب، قاله مجاهد.
الثاني: ما بين أيديكم من الدنيا، وما خلفكم من عذاب الآخرة، قاله سفيان.
الثالث: ما بين أيديكم عذاب الله لمن تقدم من عاد وثمود، وما خلفكم من أمر الساعة، قاله قتادة.
ويحتمل تأويلًا رابعًا: ما بين أيديكم ما ظهر لكم، وما خلفكم ما خفي عنكم.
{لعلكم ترحمون} معناه لكي ترحموا فلا تعذبوا. ولهذا الكلام جواب محذوف تقديره: إذا قيل لهم هذا أعرضوا عنه.
قوله عز وجل: {وما تأتيهم مِن آيةٍ مِنْ آيات ربِّهم} فيها ثلاثة تأويلات:
أحدها: من آية من كتاب الله، قاله قتادة.
الثاني: من رسول، قاله الحسن.
الثالث: من معجز، قاله النقاش.
ويحتمل رابعًا: ما أنذروا به من زواجر الآيات والعبر في الأمم السالفة.
قوله عز وجل: {وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم اللهُ قال الذين كفروا} الآية. فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنهم اليهود أمروا بإطعام الفقراء فقالوا {أنطعم من لو يشاء الله أطعمه} قال الحسن.
الثاني: أنهم الزنادقة أمروا فقالوا ذلك، قاله قتادة.
الثالث: أنهم مشركو قريش جعلوا لأصنامهم في أموالهم سهمًا فلما سألهم الفقراء أجابوهم بذلك، قاله النقاش.
ويحتمل هذا القول منهم وجهين:
أحدهما: إنكارهم وجوب الصدقات في الأموال.